كتابات

الدولة “التوكلية” وخلافة الزنداني

أسبوع ليس أكثر? الفترة ما بين إعلان الشيخ عبدالمجيدالزنداني مشروعه المستقبلي ليمن الغد والمتمثل بإقامة دولة الخلافة الإسلامية? وإعلان توكل كرمان تمسك ساحات الاعتصام بالشرعية الثورية وإنشاء مجلس رئاسة انتقالي والهرولة باليمن الجديد إلى المجهول.

يمثل الزنداني الجيل الأول? فيما كرمان تأتي ضمن قيادة الجيل الثاني لحزب التجمع اليمني للإصلاح ” حركة الإخوان المسلمين” وهي ابنة الأستاذ خالد عبدالسلام كرمان زميل الزنداني في تأسيس الحركة.

وأمام مشروعيهما المتناقضين ? يبقى الشباب في ساحات الاعتصام أسرى “الحمل” الكاذب ينتظرون ثلاث وجبات ” تسمين” في اليوم.. ليكونوا” قرابين” وقت الحاجة? وفي “العوافي” يرددون ما تصلهم من شعارات معظمها لأصلة لها بالشعارات الثورية بقدر ما هي مقياس لحجم السقوط الأخلاقي للساحات ومن يقف وراءها? وكيف أن قضيتهم شخصية.

وأمام مشروعيهما أيضا?ٍ? يبدو “الإصلاح” كحزب سياسي أشبه ما يكون بعربتي قطار تسيران في سكة واحدة ولكنه في اتجاهين مختلفين.

إلى أين يمكنه الوصول? ليس بنفسه? وإنما بالبلد ككل? وكيف له أن يوفق بين “الحاكمية لله” والشرعية الثورية.. والولاءات السعودية والإملاءات القطرية.

سؤال نظنه أكبر من أن نملك له نحن الإجابات الشافية الآن.. إذ أن ما يحدث اليوم في اليمن جعل أي متابع يصاب بالعجز عن وضع سيناريو لمستقبل البلد. على أن هذا هو دأب “الإصلاح” يجمع بين الأختين ? وبين الشيء ونقيضه? ويجيز لنفسه ما يحرمه على غيره.

يجيز لنفسه سلوكا?ٍ ميكافيليا? ويجعل من الديمقراطية نطاقا?ٍ تكتيكيا?ٍ? لبلوغ دولة الخلافة التي يكونون فيها علماء ومشائخ الإصلاح هم مصدر كل التشريعات ? وهم السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية.

وحتى لو جيء برئيس مدني كما كان حالهم مع بن شملان في الانتخابات الرئاسية? ويكون تحت رحمة عسكريين ورجال دين ومشائخ قبلية نافذة? فإن معنى الدولة سيكون مقصورا?ٍ على رئيس مدني لا يحكم.

• فجر توكل الكاذب:

وفي سياق التناقضات داخل حزب الإخوان? ينبغي على الأخت توكل كرمان بعد إصرارها وتمسكها بالشرعية الثورية? مراجعة دينها بحسب الشيخ الزنداني الذي أعلن موقفه الرافض للدولة المدنية? وقال في محضر بيانه ” نريد دولة إسلامية فلسنا كفارا?ٍ” وأضاف: بأن على من يطالب بالشرعية الثورية أن يقوم بمراجعة دينه.

شخصيا?ٍ? لا أوافق الزنداني من حيث المبدأ? فالحرب بسلاح الدين بشعة?ِ?َ حتى لو جاءت من رجل دين بحجم الزنداني? إذ ليس للدين رجل فالحق لا يعرف بالرجال? وإنما يعرف الرجال بالحق.

ولعل الشيخ عبدالمجنيد الزنداني واحد ممن يخافون الفعل الثوري أكثر مما يخافه عبده الجندي? ويدرك أن شعار “الشعب يريد إسقاط النظام” هو في معناه الحرفي يعني خلق نظام تحت وصاية الشعب.. لا يكون تحت وصاية رجال دين? أو مراكز نفوذ? ودون هيمنة فرد أو عائلة أو قبيلة? أو أيديولوجية..نظام يضمن كافة الحريات والحقوق? بما فيها حركة المعتقد.

وبالمثل ? لا أوافق كرمان في تمسكها بالشرعية الثورية? فما يتراءى اليوم للأخت توكل ثورة تقترب من ساعة الحسم هي اضطرابات لم تتعد عن طور الانتفاضة ? تتربص بها تحديات كبيرة? وتكتنفها المحاذير? والمحاذير.

وإذا كان للأخت توكل بقايا من ” بوصلة” تؤمن السير بنفسها وبالشباب الحالم ? بعيدا?ٍ عن الأنهيارات النفسية المتكررة ? فلا بد من التواصل بحكمة وبشيء من الواقعية.. و كما قال برنارد غيتا: لتغيير معطى واحد ينبغي أن يكون هناك شيء من الواقعية? ولتطبيق الحد الأدنى من السياسة في الواقع لا بد من التعاطي مع الأمور بالسياسة الواقعية.

فالشعور بأن ما لدينا في ساحات الاعتصام هي ثورة? وأنها قد أنجزت ما عليها وأنها قد أسقطت النظام الأمر الذي يستلزم تشكيل مجلس رئاسة انتقالي يعتبر فجرا?ٍ كاذبا?ٍ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com