عربي ودولي

فضائح مقاتلي داعش الأجانب في الرقة .. السيطرة كردية والمكسب أمريكي!

شهارة نت – تحليل / الرقة :

استطاعت قوات سوريا الديمقراطية ” قسد” المدعومة امريكياً من رفع رايتها داخل مدينة الرقة معلنة السيطرة الكاملة على المدينة بعد معارك عنيفة مع مقاتلي التنظيم في وسط المدينة.

انجاز قوات سوريا الديمقراطية يوم ترافق مع زيارة غير معلنة لكل من بريت ماكغورك، مبعوث الرئيس الأميركي لدى التحالف الدولي و وزير الدولة السعودي ثامر السبهان إلى بلدة عين عيسى شمال الرقة، وتحدثت مصادر اعلامية ان السبهان وماكغورك عقدا 3 اجتماعات مع “المجلس المحلي للرقة” و”لجنة إعادة الإعمار”، إضافة إلى شيوخ العشائر.

وبحسب محللين اتراك، تأتي زيارة السبهان الى الرقة رداً على الدعم المتزايد الذي تقدمه انقرة للدوحة في الازمة الخليجية من نشر المزيد من القوات التركية في قاعدتها العسكرية في قطر، وإنشاء جسر جوي ينقل المواد الغذائية من تركيا لقطر، الى تشديد الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” على رفضه للقرارات الخليجية ضد قطر.

وفي هذا الصدد، اكد مصدر تركي مقرب من الحكومة التركية ان السعودية لجأت الى الورقة الكردية للرد على تركيا بسب الازمة الخليجية ومساندة تركيا لقطر في مقابل السعودية. وكشف المصدر ان الصحف ووسائل الإعلام السعودية اخذت تستضيف، طيلة الفترة الماضية، شخصيات كردية معادية لأنقرة.

وترافقت زيارة السبهان الى جنوب الرقة مع حملات منظمة جرى العمل عليها على مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر، حيث طالب الناشطون السعوديون بالرد على الموقف التركي من الأزمة من خلال تقديم الدعم إلى الأكراد في سوريا وتركيا، ودعم تكوين دولة للأكراد في تركيا.

وتاكيداً على ما سبق ذكرت وسائل إعلامية تركية إن الدعم السعودي للاكراد قد بدأ بالفعل؛ وفي هذا الصدد نشرت صحيفة “يني شفق” المقربة من حزب العدالة والتنمية الحاكم تقريراً كشفت فيه عن معطيات مهمة حول اجتماع جرى في مدينة الحسكة السورية بين شخصيات أمريكية وسعودية وإماراتية لدعم توجهات ما تسمى الإدارة الذاتية في شمالي سوريا.

وفي سياق متصل، اعتبر الإعلامي العراقي ياسر العبادي أن: “زيارة السبهان لأكراد سوريا في الرقة تثبت أن السعودية هي من تدعم مشاريع التقسيم في العراق وسوريا؛ لإرضاء الصهاينة”، على حد قوله.

زيارة السبهان لمحاربة الارهاب

هذا وكشفت مصادر سعودية ان زيارة السبهان الى الرقة اتت من اجل اظهار السعودية كمحارب للارهاب داخل وخارج حدود السعودية، واكدت المصادر ان السبهان توجه الى الرقة بسبب المخاوف التي تعيشها السعودية من عودة الدواعش ذو الاصول السعودية الى اراضيها.

وتأتي الادعاءات السعوديّة في ظل اتهامات لها بدعم الإرهاب، في حين أن حلفائها يتهمونها بالتهرّب من محاربة الإرهاب، فقد ذكر وزير الدفاع الأمريكي السابق اشتون كارتر في تقرير عرض فيه جانباً من مذكّراته حول الدول الخليجة لناحية عدم ترجمة أقوالها إلى أفعال في ما يتعلق بقتال داعش في سوريا والعراق قائلاً إن “هذه الدول لطالما ساقت الأسباب والذرائع من أجل عدم إرسال قواتها البرية التي تفتقر للقدرة القتالية مقارنة بسلاح الجو”.

الجيش السوري يحرر كامل المناطق بين الميادين ودير الزور

وفي موازاة ذلك، حرر الجيش السوري وحلفاءه كامل المنطقة الواصلة بين الميادين ودير الزور، وبسطوا سيطرتهم على مدينة موحسن وقرى العبد والبوعمر والبوليل في ريف دير الزور الشرقي.

كما أعلن الإعلام الحربي أن الجيش السوري وحلفاءه بمحور المقاومة حرروا أحياء المطار القديم والخسارات والكنامات بدير الزور.

فضيحة حول مقاتلي “داعش” الأجانب بالرقة

وفي سياق منفصل، فجرت الوكالة الإيطالية ” آكي” مفاجأة كذبت فيها رواية قوات “سوريا الديمقراطية” والتحالف الغربي حول أسرى مقاتلي تنظيم الدولة، الذين قيل إنهم استسلموا.

ونقلت الوكالة الإيطالية عن ناشطين سوريين من مدينة الرقة، أن جميع الأفلام المصوّرة التي نشرتها قوات سورية الديمقراطية، التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، عن من قالت إنهم أسرى من مقاتلي تنظيم الدولة استسلموا في المدينة، غير صحيحة.

وشدد الناشطون أن المدينة كانت “خالية من أي مقاتلين للتنظيم”، وأن ما تقوم به القوات الكردية هو “مسرحية” غير صحيحة بالمطلق.

تحليل
مدينة الرقة التي كانت المعقل الأهم لتنظيم داعش في سوريا باتت اليوم تحت سيطرة الأكراد بيد ما يسمى قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، حيث تتحدث المعلومات الميدانية عن أن التنظيم أخلى المدينة بالكامل منذ أمس الثلاثاء أمام تقدم القوات الكردية التي باتت تسيطر على أحياء المدينة بشكل كامل.

هي إذا ضربة جديدة للتنظيم الذي يتعرض لنكسات متتالية منذ عامين إن في سوريا أو العراق، والخروج من الرقّة وهي إحدى أول المدن التي سيطر عليها التنظيم عام 2014 له وقعه الخاص بعد أن حوّل المدينة لمعسكر كبير طيلة ثلاث سنوات منصرمة. يُذكر أن قوات قسد المؤلفة من عرب وأكراد كانت قد فرضت حصارا على المدينة منذ حدود أربعة أشهر.

حاليا ونقلا عن المتحدث باسم هذه القوات فإن قسد قد سيطرت على ميدان النعيم الذي حوله داعش لميدان إعدامات وتعذيب حتى عُرف بميدان جهنم. ويقول المتحدث أن كل من تبقى من فلول داعش لا يتعدون الـ300 شخصا المتواجدون في بعض الجيوب داخل المدينة.

“قوات سوريا الديمقراطية” التي تشكلت من مجموعات كردية وعربية عام 2015 بهدف محاربة داعش وإخراجه من الرقة والمناطق الأخرى، ومع أن فيها عربا إلا أن معظم مقاتليها وقادتها هم من الكُرد، ولذلك فإن سيطرتهم على الرقة تعتبر سيطرة كردية في حقيقة الأمر. يُذكر أن قسد قد قاتلت خلال السنوات الماضية إلى جانب الدولة السورية كما أنها كانت تحت الحماية الأمريكية والائتلاف الدولي ضد داعش حيث ساعدت أمريكا هذه القوات وغطتها جويا في الكثير من المعارك التي خاضتها.

من جهة أخرى فإن الرقة لها أهميتها الخاصة بالنسبة للأكراد، وكانت هدفا لهم منذ بداية المعارك ضد تنظيم داعش الإرهابي، أما السبب وراء هذا الاهتمام هو أن المدينة تقع جنوب المنطقة الكردية في الشمال السوري، تلك المنطقة التي تقسمها قوات حليفة لتركيا لمنطقتين شرقية وغربية، مدينة كوباني شرق الفرات وعفرين غربه. وكون الرقة تقع جنوب المنطقتين يأمل الأكراد أن يتمكنوا من وصل مناطق انتشارهم عبر الرقة.

طبعا سيطرة الأكراد على الرقة وبقاؤهم فيها لن يكون سهلا، فهناك عدة عوامل لن تجعل من الأكراد مرتاحي البال في تلك المدينة، حيث أن أكثرية سكانها من العرب وليس الأكراد، كما أن تنظيم داعش كان يعتبر هذه المدينة استراتيجية بالنسبة له بسبب واقع وجود حاضنة شعبية سنية في المدينة. كلها تحديات ستواجه الأكراد إضافة إلى تحدي الرفض التركي لأمر واقع كردي في المدينة.

المشكلة الأخرى التي تواجه الأكراد هناك هو احتمال هزيمة داعش النهائية على كافة الأراضي السوري والعراقية، وهذا الأمر قد يجعل الأمريكيين يوقفون دعمهم التسليحي للأكراد، مما يجبرهم على إيقاف القتال ورمي السلاح والعودة إلى الحياة العادية وحلّ قسد نهائيا. وهذا مطلب تركي رئيسي من الأمريكيين. حيث تخشى تركيا أي فكرة لإنشاء كيانات كردية مستقلة جنوبها في الشمال السوري وهذا الأمر واحد من المشاكل التي تؤثر في العلاقة الأمريكية التركية اليوم.

أردوغان طلب وبشكل صريح من ترامب منذ أشهر وخلال اتصال هاتفي إيقاف تسليح الأكراد، فما كان من وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون إلا أن أعلنت أنها ستقوم بجمع السلاح الذي وزعته بين الأكراد بعد هزيمة داعش بشكل كامل بهدف طمأنة الأتراك. وقد أكد رئيس الوزراء التركي على هذا الوعد الأمريكي إضافة إلى وعد بمنع أي تغيير سكاني في مدينة الرقة بعد تحريرها.

بناء عليه لا يمكن للأكراد في سوريا أن يتفاءلوا كثيرا فداعش في طريقه للنهاية الحتمية، والضغط التركي والوعد الأمريكي سيجعلهم الحلقة الأضعف في نهاية المطاف، ومسألة سحب سلاحهم أمر محتمل جدا.

إذا تحرير الرقة لا يمكن قراءته نصر كردي وإنما ورقة أمريكية للضغط في المحادثات المقبلة حول مستقبل سوريا. الأكراد اليوم مجرد ورقة رابحة بيد الأمريكيين وتنتهي وظيفتهم بعد انتهاء تنظيم داعش الإرهابي. الأمريكي وحده يريد التفاوض حول الرقة كأرض سورية بيده. من ناحية أخرى وضع النظام السوري مستقر بل وفي أحسن أحواله منذ سنوات إلى اليوم. ولذلك فإن المفاوضات بشأن مستقبل سوريا وعلى رغم تحرير الرقة من قبل الأمريكيين بقوة كردية فإن الميدان السوري بشكل عام يشير إلى سطوة المحور الروسي الإيراني على الأوضاع مقابل إمكانية مناورة أمريكية محدودة جدا تُختصر بورقة الرقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com