كتابات

الطفل قصي …البحث عن قيمة الحليب !

بقلم / عبد الحميد الغرباني

تستطيع رصد صور مقلقة في العاصمة صنعاء أو في زوايا بعض الأحياء الشعبية منها والتي تخبي أزمة النازحين الذين شردهم العدوان من منازلهم فضاعت إثر
ذلك لقمة العيش التي كانت تدفع عن أطفالهم شبح الجوع والتشرد بعيدا عن بيئتهم وقسرتهم على العيش في منازل لاتشبه منازلهم ولا يجدون فيها رائحتها !
الطفل قصي الحاج واحد من مائات فروا من نيران العدوان التي اضرمها في حرض التابعة لمحافظة حجة ، وقذفت بهم الكارثة إلى العاصمة صنعاء ! حيث لم يجد مكانا هو وعدد من الأسر إلا أحد الزوايا المهملة في حي ازال ، حين علمت أن ثمة أسر نازحة هناك زرت المكان فصادفت الطفل قصي الحاج بعد لحظات من بدء العدسة بالتصوير فابتدرته بالسؤال أين والدك ؟
رد قصي : صار يدور حق الحليب ! سألته مجددا حليب لمن ؟ رد قصي : لاخي مريض ! تلعثمت قليلا وشعرت بالوجع المتفاقم في جسد البلاد بعد أن دخلت البلاد العام الثالث للعدوان الذي خلق ظروفا قاتلة ومايزال يوسع من دائرتها كل لحظة ، كنت قد استكملت مع قصي تساؤلاتي والكاميرا ترصد ذلك ومما أخبرني أن صواريخ السعودية التي ضربت مدينة حرض تسببت بتشريدهم بعيدا عن منزلهم هناك، قريبا من اسرة قصي الحاج ثمة أسر أخرى تعيش وضعا صعبا في أماكن نستطيع أن نعدها مكشوفة فضلا أن النازحين لم يجلبوا معهم شيئا من قطع الفراش والأثاث ولوازم العيش البسيط المر ! وبالانتقال إلى لغة الارقام ففي المعلومات أن عدد النازحين يبلغ في الوقت الراهن أكثر من مليوني نازح يعيش مليون ونصف منهم في مباني مهجورة أو أماكن مفتوحة ، هؤلاء يأتون على رأس من تتهددهم نذر المجاعة التي جدد إطلاقها قبل أيام المجلس النرويجي للنازحين الذي عزا تفاقم الوضع الإنساني في اليمن إلى الحصار المفروض عليه …
وكان أمين عام المجلس النرويجي للنازحين يان إيغلاند قد جدد إطلاق نذر المجاعة التي تتهدد اليمن بالقول ” أنا مصدوم للغاية مما رأيت وسمعت في اليمن .. إن العالم يسمح للمجاعة أن تجتاح نحو 7 مليون رجل وأمراة وطفل بشكل بطيئ وغير مسبوق ” وأضاف إيغلاند ” هذا ليس جفافا ولكنه كارثة يمكن الوقاية منها ” ..
إيغلاند الذي أصدر تقريره عن النازحين تحت عنوان ( مجاعة من صنع البشر على مرأى ومسمع منا ) أعتبر تقويض كل الجهود المبذولة لتجنيب اليمن _مجاعة يمكن الوقاية منها_ فشلا ذريعا للدبلوماسية الدولية ومما قال ” لايوجد في أي مكان على الأرض مثل هذا العدد الكبير من الأرواح المعرضة للخطر .. مع ذلك لسنا متأكدين
حتى من أن شريان الحياة الرئيسي عبر ميناء الحديدة سيظل مفتوحا ” ويذكر أمين عام المجلس النرويجي للنازحين أن التحالف العسكري بقيادة السعودية والمدعوم من الغرب ، هدد بمهاجمة الميناء وهو ماقد يؤدي إلى قطع الإمدادات عن ملايين المدنيين !إيغلاند يحمل التحالف المسؤولية في سياق اشارته إلى أن الحصار على اليمن وعلى ” كافة إمكانيات الوصول و اليمن جوا وبرا وبحرا تسببت في انهيار أقتصادي ل 27 مليون نسمة ” …
الملاحظ أن تقرير المجلس النرويجي قد وضعت نقاطا عدة حول المتسبب الرئيسي
في الأوضاع الكارثية وهذا أمر جيد ذلك أن بعض المنظمات الدولية قد درجت بعض على تناول كارثية الوضع في اليمن دون الاشارة إلى المتسبب الرئيسي وهذا أمر يشعر اليمنيون معه بالغبن كون قاتلهم لايقرع حتى بمجرد بيانات ! وبالعودة إلى
صلب الموضوع نذكر أن أسرة قصي نموذج لأكثر من مليوني نازح منا نحن اليمنيين و
نحن هنا ملزمون بتوسيع رقعة العمل الخيري والاجتماعي ، كما أن على بعض المنظمات المرتبطة بالمنظمات الدولية والتي تتلقى التمويل والدعم أن لا تموت ضميرها وتغرد خارج السرب على حساب ملايين من أبناء جلدتهم ، لايعلمون متى وكيف سيحصلون على وجبتهم القادمة ! كما أن على رجال المال والأعمال أن ينزلوا إلى مخيمات النازحين المختلفة وأن يحاولوا ولو لمرة أن تباشر فرق لهم بحضورهم توزيع سلات غذائية ! أماحكومة الانقاذ فقد وصلنا إلى قناعة كاملة بضرورة إقالتها وليأتي من يعمل على استنقاذ الناس من هذا الوضع الذي يريد العدو من مضاعفته تقويض الصمود اليمني الذي بعثر خططه وحرق أوراقه المختلفة بفضل من الله ورعايته ….

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com