كتابات

السعودية بين طموحات الفتى المدلل و مئالات السقوط …

بقلم / الشيخ عبد المنان السنبلي

يُتداول في أوساط الأسرة السعودية الحاكمة كما يقال أن الفتى المدلل محمد بن سلمان هو أكثر أحفاد الملك المؤسس كما يسمونه عبدالعزيز آل سعود شبهاً و تأثراً به، و هذا هو ربما سر إهتمام أبيه سلمان بن عبدالعزيز و رعايته الخاصة به رغم أنه ليس أكبر أبناءه و هو ربما أيضاً سر طموحات الفتى الصغير المفرطة و إندفاعه الطائش إلى محاولة تجسيد و تقمص شخصية جده العدوانية و المليئة بالحروب و المغامرات .
لذلك فليس غريباً عليه إذا ما إستهل رحلته للوصول إلى العرش بشن عدوانٍ و حربٍ شعواء على اليمن، و ذلك على أمل أنه في حالة تحقيقه إنتصارٍ خاطفٍ و سريع فإن الطريق سيكون سالكاً له أكثر للوصول إلى حلم تتويجه ملكاً على السعودية بعد أبيه البالغ من العمر عتيَّا و ذلك بالطبع من خلال إزاحة كل صقور الأسرة الملكية السعودية من بقايا أبناء و أحفاد عبدالعزيز عن طريقه و الذين لهم أحقية وراثة العرش قبله .
لنفترض جدلاً أن ذلك صحيحاً و أن الفتى الصغير بطموحاته اللامتناهية قد إقترب كثيراً من مراسم التتويج رغم تعثره الواضح في اليمن و فشله في سوريا و نظراً للتشابه بينه و بين شخصية جده المؤسس و محاولته جاهداً تقمصّها، فهل يُعتبر ذلك فعلاً عناصراً و مقوّماتٍ كافيةً في يد الملك القادم لتحقيق طموحاته التوسعية و العدوانية كما كان الأمر مع جده الموسس ام لا ؟!!
في حقيقة الأمر ما غفل عنه المدلل الصغير و أبوه سلمان هو أن الظروف التي جاءت بجده ملكاً على معظم أجزاء الجزيرة العربية ليست تماماً نفس الظروف و المتغيرات الموجوده اليوم و التي يريد سلمان بها أن يوصل إبنه المدلل إلى حيث وصل جده من قبل، و أن عالم مطلع القرن العشرين ليس كعالم مطلع الألفية الثالثة، و هذا هو العنصر الأهم و الأبرز الذي كان يُفترض أن تُبنى عليه طموحات الفتى الصغير و ليس مجرد وجود تشابهٍ أو حتى تطابقٍ في شخصية الجد و الحفيد .
أكاد أجزم أنه لو أن الملك المؤسس قد جاء في ظل ظروف و متغيرات اليوم الداخلية و الإقليمية و الدولية، لما إستطاع أن يقيم إمارةً حتى على قريةٍ واحدةٍ من قرى نجد فمابالك بمملكةٍ ضمت أنحاءً واسعةً و أرجاءً شاسعةً من الجزيرة العربية .
لقد خدمت في واقع الأمر ظروف الأمس الملك المؤسس في تأسيس و إنشاء مملكته و لا أعتقد أن ظروف و متغيرات اليوم ستمنح حفيده المدلل نفس الفرصة التاريخية التي مُنحت لجده حتى و لو إعتلى عرش المملكة فإن ذلك لن يكون إلا بمثابة نهاية السقف المسموح له و الذي يجب أن لا تتجاوزه أوج طموحاته الطائشة مهما تعاظمت و كبرت .
هكذا تقف الظروف و المتغيرات الجديدة حائلاً دون تحقيق طموحات الفتى المدلل، و يكفي أن القوى الإستعمارية الكبرى في عهد جده قد كانت بأمس الحاجة إلى زرع مثل هذا الكيان السعودي في صدر الجزيرة العربية، أما اليوم فإنها على ما يبدو قد عقدت العزم على تفكيك و تقسيم هذا الكيان في إطار خطةٍ إستعماريةٍ جديدة تستهدف المنطقة العربية بأسرها و تقوم على أساس مصطلح الفوضى الخلاقة و تقسيم المقسم و تجزئة المجزأ .
من هنا يجب على المدلل الصغير أن يدرك أنه كلما إمتدت و إتسعت رقعة طموحاته التآمرية على من حوله، كلما عجّل بذلك من عملية الوصول بمملكته المتهالكة إلى حافة السقوط المريع و الأخير، فعالم الأمس ليس كعالم اليوم و لن تزيده نصائح محمد بن زائد مهما حرص على تنفيذها و العمل بها بكل إخلاصٍ و عزم من الأمر شيئا، فقد خسر اليمن و العراق و سوريا و غداً سيخسر لبنان و مصر و الجزائر وووووو ، و لن يعوضه عن ذلك أن يكسب إسرائيل أو كل من يقع في حب إسرائيل، و إن غداً لناظرهِ قريبُ…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com