اراء وتحليلات

موظفات فوق العادة

منذ بداية كتابة هذه اليوميات? توالت علي? الكثير من الرسائل والمطالبات
الملحة لحلول عملية? ونماذج واقعية لأعمال يمكن أن تمارس عن طريق المنزل?
ووفق مفهوم العمل عن بعد.
ومع تقديري لهذه الحماسة التي أظهرتها الكثيرات من الراغبات في العمل من
المنزل? إلا أنني لا أدعي امتلاك الحل السحري للجميع? فما يصلح لي ربما
لا يصلح لغيري? وما يمكن لغيري القيام به قد أعجز عنه? ومع ذلك هناك
الكثير من المجالات المفتوحة على مصراعيها للعمل عن بعد? وما على كل
راغبة في العمل سوى انتقاء ما يناسبها? ويلائم ظروفها وإمكاناتها? ويوظف
مهاراتها وخبراتها.
ولكي يكون الكلام واقعا ملموسا سأبدأ من تجربتي المتواضعة التي تعددت
فيها مجالات العمل عبر سنوات حتى اخترت أحد المجالات وركزت فيه جهدي في
الفترة الأخيرة.
فبدايتي كانت أثناء دراستي الجامعية? واستمرت بعد تخرجي? من خلال العمل
كصحفية تحت التمرين في عدد من الصحف والمجلات العربية والإسلامية? كنت
أجري الحوارات والتحقيقات? وأكتب تقارير وأرسلها عبر البريد? أو أسلمها
لمقر الجريدة أو أحد الوسطاء? وكنت أحاول فيها دائما اختيار مجالات
الكتابة التي لا تحتاج للانتقال الفوري لموقع الحدث? أو التي تتطلب
تحركات كثيرة? ومعظمها كان يتم بالتليفون? أو بالمقابلات المرتبة أو غير
المرتبة.
فأحيانا يفرض الحدث نفسه أثناء ركوب القطار? أو السير في الطريق? أو
زيارة بعض الأصدقاء? أو الأقارب? أو حتى بين الجيران? لأبدأ في إجراء
تحقيق أو كتابة تقرير عن ظاهرة ما أو حدث معين.
بالتأكيد ابتعدت عن الأخبار والتغطيات السياسية? وكان توجهي نحو الأبواب
الاجتماعية التي ترصد الظواهر والمشكلات بعيدة المدى? والمتغلغلة في
المجتمع? وليست الأحداث الطارئة أو المفتعلة? مما يسر لي التطرق لموضوعات
تهم الناس على المدى الطويل? ويمكن قراءتها? والاستفادة منها? ولو بعد
سنوات.
التوعية بالكتابة
الخطوة الثانية تمثلت في كتابة المقالات في مجالات متعددة? سواء المجال
الدعوي? أو الاجتماعي? أو التنموي? أو الفكري? أو الثقافي… ولا أنكر
الدور الذي لعبته شبكة الإنترنت معي? فقد يسرت سبل التواصل مع المواقع
والصحف الأكثر انتشارا للكتابة? معظمها كتابات تطوعية ولكنها من باب خدمة
المجتمع بالمشاركة في التوعية والتعليم.
وهذا فيه الرد على من يعتقد أن ممارس الصحافة والكتابة يجب أن يكون شخصا
لا يهدأ ولا يسكن? يدور حول الأحداث في مواقعها? ولا يمكن العمل في هذا
المجال من خلال المنزل? فالتجربة أثبتت أن العمل الصحفي له العديد من
المجالات? منها: ما يتطلب الحركة الدءوب? ومنها ما لا يتطلب إلا إعمال
الفكر خاصة إذا تعلق بترجمات أو عروض ومراجعات لكتب أو دراسات أو تقارير
دولية…
تجربة أخرى عاصرت الكتابة الصحفية? وهي التدريب في مجال التنمية البشرية?
والذي تتعدد مجالاته حسب التخصص فيمكن أن تقدم المرأة دورات تربوية
للأمهات? وقد تكون دورات دعوية للداعيات أو تثقيفية? أو دورات تخصصية…?
ومن جانبي اخترت الدورات التربوية والإدارية التي قدمتها في المدارس
والجمعيات بشكل تطوعي? ولكن متى أرادت المرأة أن تحترف المجال? وأن تتكسب
منه سيتيسر لها ذلك? طالما توافرت لها مهارات الإلقاء? وحصلت على تدريب
متخصص متوازن.
تدريس وتحفيظ
ذكرني مجال التدريب بمهنة أخرى كنت أمارسها أثناء دراستي بشكل متفرق? وهي
التدريس للأطفال في المراحل الابتدائية? فأحيانا كانت تلجأ لي بعض
الأمهات لمساعدة أطفالها على الارتقاء بمستواهم الدراسي? أو تحسين مهارات
الكتابة أو القراءة لديهم? فتبعث لي بأطفالها في بيتي? بل إن إحدى
السيدات الأميات كانت تأتيني لأعلمها مبادئ القراءة والكتابة? وفي
الحقيقة كنت أجد متعة كبيرة في ممارسة هذه الأعمال.
يضاف لذلك مسألة تحفيظ القرآن في البيوت? ذكرت لي إحدى صديقاتي أنها كانت
تستعين بمحفظة تقوم بتحفيظها هي وثلاثة من الأبناء? وكانت تتقاضى شهريا
مائة جنيه عن كل فرد من أفراد الأسرة? من جانبي لم أشأ التكسب من تعليم
القرآن أو التجويد رغم إفتاء العلماء بإباحته? حيث كنت أعتبر أن قيامي
بذلك هو دين أوفيه لأساتذتي الذين قاموا بتحفيظي بلا أجر? ولقول الرسول
صلى الله عليه وسلم “خيركم من تعلم القرآن وعلمه”? ولكنه ما زال بابا
يمكن لكثير من النساء احترافه والتكسب المادي من خلاله? إضافة إلى الأجر
الأخروي مع إخلاص النية لله تعالى.
كمبيوتر وترجمة
في بعض الفترات كنت أحتاج التفرغ التام لرعاية الأطفال? ولكني لم أشأ
تضييع العمر? فانتهزت الفرصة لمواصلة دراستي? وفي الوقت نفسه تعرفت على
مجال جديد وهو البرمجة? فتلقيت دورات متخصصة? وعلمت نفسي الكثير بأسلوب
“self training”? مما وفر لي الفرصة لتقديم تدريب للفتيات والسيدات
والأطفال أيضا من خلال البيت? أو الاتفاق مع بعض المراكز التدريبية للعمل
عدد معين من الساعات أو تقديم دورات في الموعد الذي أحدده مقابل نسبة من
رسوم الدورة التدريبية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com