كتابات

اسرائيل الحيادية ..

    كان التعامل مع العلاقات العربية الامريكية, بدرجات متفاوته, تبدأ من الشراكة والصداقة كمسميات دبلوماسية وتنتهي بالعمالة والخيانة – على حد قول رجل الشارع العربي.. ولكن المفاهيم اليوم قد تغيرت, فلم تعد أمريكا واحدة فقط? بعد ان اصبح هناك اليمين الأمريكي واليسار الأمريكي خارجيا? وتم نقل الصراع الايدلوجي – نعم "الايدلوجي" بين اليمين واليسار الأمريكي الى المنطقة? وكل منهما قد شكل له تحالف يخصه.

    وهذا الصراع اعتمد فيه اليسار على خلق نموذج جديد يقوم على أساس تحرري من ثوابت الثقافة السائدة في المنطقة "منطقة الشرق الأوسط" والجمع بين المتناقضات, فخلق تركيا الإسلامية العلمانية وجعل منها نموذجا يحث على الاقتداء به? وعظم من شأن الصغار والأقليات سواء كانت دول مثل قطر او جماعات وأحزاب مهمشة كالاشتراكيين والمدنيين والديمقراطيين والثوريين والتحررين وغيرهم.. وعقد اليسار التحالف الكبير مع الجماعات الإسلامية وحركات المقاومة الإسلامية وفي مقدمتها جماعة الاخوان المسلمين وحركة حماس? ضمن معادلة التمكين من الحكم مقابل السماح بالتقسيم? وتفوق اليسار بانشاء عقود طويلة الاجل مع مراكز البحث والتدريب والتحكيم والاعلام والمراة والحقوق? واستقطب الكثير من القيادات الشابة من هذه التكوينات التحالفية? وعكف على تاهيلهم وتدريبهم والتهيئة لمشروع التغيير???

    وبالمقابل اعتمد اليمين الأمريكي الحفاظ على النموذج السائد من الحكم في المنطقة والمتمتع بحماية أمريكية وفق قانون المصلحة المشتركة مع التفضيل للمصالح الامريكية واقصاء كل من يعارض او ينكث هذه التحالف ? وعندما استيقظ اليمين الأمريكي على التمدد الواسع لليسار في المنطقة وشعر ان ذلك سوف ينعكس على وضعه الداخلي والذي سيجعله يدفع ثمنا باهظا لعدة دورات انتخابية قادمة? سارع الى الحفاظ وبشده على التحالف الاستراتيجي القائم بينه وبين السعودية القوة الاقتصادية العظمى في المنطقة ? كما انه استطاع استرداد مصر القوة العسكرية الأولى في المنطقة ونزعها من فك اليسار وان لم تكن عملية الاسترداد هذه كاملة الى الان? وبالرغم من الوساطات والمغريات السعودية? الا انها لم تستطع حرف البوصلة كاملا للتوجه المصري نحو المعسكر الشرقي والمتمثل في الكومنولث الروسي وذكريات الزمن الجميل??

    وقبل وضوح الرؤية كاملة والتطبيق الفعلي لهذه التحالفات كانت قد تكونت قوى في المنطقة هي قوى الممانعة تزعمتها سوريا وبدت عليها ملامح العزلة مبكرا? فاستشعر بها اليسار الأمريكي وحاول استمالتها والدخول معها في تحالف مقابل بعض التنازلات عن مواقفها الحادة والعدمية احيانا? لكن الوقت كان قد شرف على دق ساعة الصفر للبدء بمشروع التغيير? فاتجهت هذه المرة سوريا وبشدة اقوى لتعزيز التحالف مع ايران واستعراض القواسم المشتركة مع الموروث الشيعي في المنطقة? واتجه الاثنان مباشرة صوب الدب الروسي الذي استيقظ ايضا متأخرا بعد ان خسر الكثير نتيجة الصمت? واستشعر بالزحف القادم اليه? فقرر تأييد ودعم التدخل المباشر في المنطقة عبر الحليف الإيراني وذراعه القوي في المنطقة حزب الله فقط? واستثناء سوريا على اعتبار انها قد اصبحت منهكة داخليا ولا تستطيع العودة الى ممارسة الادوار التدخلية السابقة لها في البلدان العربية??

وبرغم محاولات اليسار واليمين الأمريكيين تحييد ثلاث مؤسسات عن التدخل في الصراع الجاري في المنطقة? واقتطاع جزء من مشاريعهما لصالح هذه المؤسسات الثلاث وهي الخارجية الامريكية والدفاع الامريكية ودولة اسرائيل "احدى المؤسسات الامريكية"? الا ان روسيا الشرق استغلت اول ثغرة في استراتيجيات هذه التحالفات وحاولت جر الخارجية والدفاع الامريكيتين الى اتون الصراع الدائر وهذا ما عكسته تداعيات القضية الأوكرانية الاخيرة وضم جزيرة القرم? والذي أعاد تشكيل الفرز والنفاق الأوروبي من وجهة نظرها??

لكن الجميع وبتحالفاتهم وخياراتهم قد اتفقوا وبامتياز على عدم جر إسرائيل الى هذا الصراع من خلال الالتزام بعدم المحاولة لاي طرف بضمها لاي حلف? ووجوب تمرير اتفاقيات الهدنة مع حركات المقاومة الإسلامية? وتخفيف الخطاب الديني الموجه نحو الدولة اليهودية الا ما قد ثبت ولايمكن تغييره? والضغط نحو تقليل الأضواء الإعلامية على الشأن الداخلي الاسرائيلي? وتعديل جميع المسارات في الصراع للمحافظة على حيادية الدولة الاسرائيلية???

                       
للوصول الى صفحة الكاتب على الفيسبوك اضغط هنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com