اراء وتحليلات

لكي تبقى وتدوم الوحدة ..

أجدني مرة أخرى مضطرا?ٍ للحديث عن موقفي من المشاكل التي تبدو شائكة اليوم? لقد حاولت منشورات صفراء أن تنقل عني حديثا?ٍ في “ مجلس الوزراء “ لكنها لم توفق في نقله? لا نصا?ٍ? ولا مضمونا?ٍ.

أما النــــص فقد أجتزئ وبدا غير متماسك? وأما المضمـــون فقد شوهه العنوان? “ الوحدة في خطر? والانفصال قادم شئنا أم أبينا” وكان الجزء الأول من العنوان صحيحا?ٍ? نعم فالوحدة في خطر? وهذا الخطر يزحف شيئا?ٍ فشيئا?ٍ ليستولي على المشهد السياسي عامة.

لقد قو?لن أصحاب تلك المنشورات كلاما?ٍ لم أقله. بالنسبة لي ولغيري? وهم كثر? الانفصال ليس أمرا?ٍ حتميا?ٍ? وإن كنت وسأبقى أتمنى أن تكون الوحدة حتمية? ليس فقط من منطق وطني? بل من إيمان قومي بأن الأجيال القادمة لن تقبل لهذه الأمة هذا الهوان? فلتلتفت يمينا?ٍ وشمالا?ٍ وتقلب الأفكار? وتقرأ التجارب? فتدرك بفعل التطور? تطور الوعي? وتقدم الواقع. إنها قد أضاعت وقتا?ٍ ثمينا?ٍ جربت فيه خيارات كثيرة? ولم يعد أمامها سوى خيار الوحدة? أو الاتحاد.

هناك أمل قادم? هو مؤتمر الحوار الوطني.. وكوننا نعلق آملا?ٍ على المؤتمر? فذلك لأننا لا نرى سواه مخرجا?ٍ نبحث في إطاره عن حل لمشكلاتنا. لكن التعلق بانفراج محتمل? وانتظار النتائج في وضع مضطرب? هو ما يجعل حالة الانتظار هذه قلقة .

واقعنا لا يحتاج منا إلى جهد كبير لتشخيصه. هو يتبدى أمامنا في عناوين رئيسية وفرعية? حالة احتقان شديد في الجنوب? ونزوع واضح نحو الانفصال? لقد تبدت لنا الأوضاع في الجنوب وبعد 13 يناير الماضي? صادمة خاصة لمن كانوا يعيشون حالة الاسترخاء? هؤلاء كانوا يعتقدون أن الوحدة قد أضحت في منأى عن المخاطر? عاشوا وربما مازالوا يعيشون في منأى عن التحولات في وعي الناس هناك? للأسف من بين هؤلاء قادة سياسيون ونشطاء اجتماعيون يفترض فيهم الحذر? لكنهم للأسف غارقون في التفاصيل وفي الخصومات حد المبالغة.

يود البعض أن ينجزوا مهاما?ٍ رأوها تتحقق في بلدان عربية أخرى? ويحاولون شحذ الهمم? وحشد الطاقات لانجاز هذه المهام? لا يهم بعد ذلك عندهم أن يذهب اليمن إلى أي من مشاهد العنف والتفكك التي عاشتها أو تعيشها بعض البلدان العربية? أو كما يبدو لنا? ودون أن نقلل من قيمة ما يعتقدونه? لا نرى أن واقع اليمن سيسمح بذلك.

إن محاولة فرض واقع معين على الحياة السياسية? وعلى المسار الوطني عموما?ٍ سوف تصطدم بهذا الواقع. وحينها سوف تنهض أدوات العنف لتحل التناقض الذي سوف ينشأ بالضرورة بين الرغبة في التغيير وبين القدرة على تحقيقه سلميا?ٍ. فلا يبقى غير العنف وسيلة متاحة.

لكن العنف لن يحل إشكالية السلطة? ولا يحقق التغيير المنشود وأقصى ما يمكن أن يحدثه العنف هو خلق أرضية وبيئة مناسبة لانهيار الدولة? ولا نحتاج إلى القول أن انهيار الدولة يعني سقوط الوحدة.

السلطة ليست ثمنا?ٍ مقبولا?ٍ? لرأس الوحدة? بل ليس هناك ثمن يعادل منجز الوحدة? والتغيير الذي ننشده إيجابيا?ٍ ولكنه لا يتحقق? بل يتحول إلى أداة هدم وتدمير ? ومرة أخرى نعني بالتغيير في الحالة اليمنية هو الإرادة غير الواعية للوصول إلى أهداف تأتي في درجة أدنى بكثير من هدف الحفاظ على الوحدة? وضمان استقرار البلاد. إننا نعتقد أن المبادرة الخليجية بما تضمنته من أهداف? ووسائل? وآليات هي الحد الأقصى لكل طموح تغييري. وحتى ثوري قياسا?ٍ إلى واقع مستعص?ُ ومؤلم.

أزاء هذا الواقع? ماذا يجب علينا أن نفعل. قلت في رئاسة الوزراء وللأسف الشديد هناك من نقل آرائي ناقصة ومشوهة? إن هناك أملا?ٍ يبدو ممكن التحقيق هو أن نوحد الطاقات والمواقف والجهود دفاعا?ٍ عن الوحدة? ولم الشمل للدفاع عن الوحدة أمر يتطلب بالضرورة ولو مؤقتا?ٍ التخلي عن الأهداف الأقل سموا?ٍ أو تأجيل تحقيقها. حفاظا?ٍ على مصلحة أسمى وأعظم.

في الواقع كل الأهداف التي تسعى لتحقيقها بعض القوى? حاكمة وغير حاكمة? هي أدنى وأصغر من هدف الدفاع عن الوحدة والعيش في كنف دولة موحدة نرتضيها جميعا?ٍ? ونرى فيها تحقيقا?ٍ لمصالحنا المشتركة الحاضرة والمستقبلية.

ذلك ما يتعلق بالجزئية الأولى من عنوان ما تناولته تلك المنشورات? أما أنني قلت أن الانفصال قادم شئنا أم أبينا? فتشويه متعمد لرؤيتي التي بسطتها في أكثر من محفل? ومن على أكثر من وسيلة ومنبر. لن يفرض علينا الانفصال إلا في حالة واحدة. هو عجزنا عن إدراك طبيعة التحولات في بلادنا? ومحاولة البعض المضي في عمليات الاقصاء للأخرين بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة. لا أحد يمكنه أن يفرض علينا أمرا?ٍ لا نرتضيه. ليست هناك قوة قادرة على القيام بأمر كهذا. فقط وحده الصراع غير المبرر في أوجه عديده منه. هو القادر على هذا الفعل.

إن المضي خلف أهداف ثانوية? وعدم الالتفات لمخاطر المرحلة? والمضي خلف شعارات تتجاوز الممكن مكانا?ٍ وزمانا?ٍ? هذا الطريق هو الذي سيفرض الانفصال. وسنكون بحق في نهاية المطاف أمام أوضاع صعبة? وخيارات محدودة? وتدخل سافر ومهين من الغير في رسم معالم طريقنا.

إذا?ٍ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com