كتابات

حتى لا تتحول تعز إلى «كلابة»

لماذا الطاووس ? يقاتل من أجل أن يصير صقرا?ٍ ? ومن ثم نسرا?ٍ يجرح ويتغذى على الجيف?
ولماذا المشقر أيضا?ٍ وبنفس أدوات القتال يريد أن يصير «زربة» مشوكة?
ولماذا تعز تستشرس لأن تصبح مسخا?ٍ من سنحان ? والعصيمات ? وبردون«الحدأ» ? حيث لا نافذة مفتوحة?
ولماذا شرعب ومخلاف ? ماوية ? سامع ? وصبر وو..الخ تقاتل لأن تتحوصب ? وتتمحشد ? وتتكهلن ? وتصبح خنجرا?ٍ في خاصرة المدينة والتمدن?

لماذا ك?ْتب على مدننا اليمنية قاطبة أن تخجل من تمدنها كالعيب الأسود في عرف القبائل العسرة?
ولماذا أصبحت قيم المدنية والحداثة ? والليبرالية ? تهم جاهزة لكل من يخرج عن صف القطيع ? وينشد حياة كريمة ? ويصبح من يتمثلها انسانا?ٍ غير سوي ? وناقصا?ٍ ? ومائعا?ٍ ? ويلحق بفلك نسونجي /رخو ?
ولماذا تحاول تعز أن تتنصل من تاريخها ذي التنوع الثقافي والديني ? فتطمسه لتلحق بـ(الآمين) الواحد الذي لا يقبل أى مختلف سوى نفسه ?
لماذا يجب على مدننا أن تلهج بكعب زامل الحرب والبنادق بعد أن كانت تهجل بالغناء وقصائد الحب والسبول ?
لماذا كتب على تعز وكافة المدن اليمنية أن تستنهض هوية وذاكرة القبائل المحاربة ? فتمشي على نسقها?
لماذا تخجل مدننا أن تكون نفسها ? تعز وليست أي قبيلة أخرى : فرد حر ? وليس شيخا?ٍ أو رقما?ٍ في«شاص» الشيخ ?
لماذا وجب على تعز تخلع زنتها “المكشكشة” والملونة لتلبس المجنزر بقرون الرصاص ? وتتزين بمصوغات الدم من جنابي ? وأثوار ? عصابة للتعصب ? بل وتستبدل مشية الحمام بمشية النسور?
هل كتب على تعز ومدننا أن تأخذ لقاحا?ٍ ضد العافية والتمدن وتبحث عن الحصبة والقرحدود ? والشلل المشيخي بالمرافقين الـ «مشعفلين» الذين لا ندري حتى اليوم من أي كهف يخرجون ويتناسلون?
لماذا كتب على مدننا أن تستبدل القهوة بالبردقان “الشمة” والعنب بالقات ? والقلم بالبندق ? والسروال بالزنة ? والشعر بالسماطة واللحية ? والمحراث بالبازوكا ? والسينما بغرفة حراسة ? والمسرح غابة مفتوحة?
لماذا يراد لتعز وكافة المدن والأرياف أن تجعل نساءها صخورا?ٍ سوداء يحشدن ويحشرن في تابوهات الشيخ /الفقيه /الزعيم ? وتتزين بتاج الأشباح?
أبناء مدن اليمن لماذا حطموا السبورة والمعمل ? والكمبيوتر ? التعليم الحر ? التعليم المدني الحديث ? ليلتحقوا بفيالق دار الحديث والإفتاء والتحفيظ?
مدننا? لماذا شوارعها لا تنضح الا بالعشوائيات والصراخ والزعيق ? والموتورات ? وموازييك المسلحين ?والكائنات المفخخة?
لسان حال هذه التساؤلات ? يقول : أن جهادا?ٍ مقدسا?ٍ (هو نفسه قبل الثورة وبعدها ) ولعقود من الزمن يقاتل في كل المدن اليمنية بما فيها العاصمة صنعاء وعدن ? والحديدة ? وتعز ? وصعدة ? وحضرموت وو..الخ بأن لا تكون للمدن أثر ? وأن تتحول الى قبائل عصابية محاربة تتناحر وتنحر بتاريخ من الثارات اللانهائية ? تاريخ من الفيد ? والأمية ? والمرأة “المشروصة” في غمد جنبية الشيخ والفقيه .. والفرد لا تتحقق فردانيته إلا كـ«عكفي» .. فكر القبيلة الذي يحاصر التمدن ويقلعه من جذوره لأنه لا يليق بالذكورة والمرجلة ? وقيم الشرف الدامي .. فكر القبيلة الذي يستحل الدولة بمؤسساتها لتصبح ديوان الشيخ الواسع الذي يجثم في صدارته وبقية «المقيلين» يتناثرون ويتقافزون ليحظوا بلمس “المدكى” المقدس .. فكر القبيلة الذي يريد في خطوته عائدات الغنيمة .. فكر القبيلة الذي ينظر الى المدينة بأنها -عزكم الله – (أمة / انثى) بل و«خنثى» ? ولذا قبرها قلب “الديمة” ت?ْطعم مرافقين الشيخ وضيوفه ? وفي المساء تتكوم عند قرن الجنبية ..
المدينة ? الأنثى ? عوراء يجب أن تتقرطس وتتنقب بخيمة القبيلة ? تتشرشف من كل شيء إلا القبر ? فكر القبيلة المشوه الذي يخجل من المدن باعتبارها خنثى أو مخصية يجب أن تلف كلحم م?ْجيف .
###
ولا نغالي أن محور الصراع في اليمن بالأمس واليوم ?صراعين ? يدوران بين : قيم ? وقيم بديلة ? قيم المدينة والتمدن ? مقابل قيم القبيلة والبداوة ? قيم المشترك الإنساني المسالم ? مقابل قيم الغلبة ? والغلبة في بلدنا ليست للمدن والتمدن والتعليم ? بل للشيخ ? والفقيه ? والعكفي ? والثور ? وديوان الشيخ ? والبندق ? وزامل المرحب والحرب? التراتبية العرقية والعرفية ? وعلى قائمته «العيب الأسود » ? وقيم المدينة : الفرد ? الدولة ? الدستور ? القانون ? المواطنة المتساوية ? مواثيق حقوق الإنسان.
###
المنتزه ? والم?ِسبح : أهم أحياء التمدن في مدينة تعز ? حيث السينما ? والمدارس الراقية ? والنساء الأنيقات ? والملعب ? حيث استريو (13 يونيو) الذي سجل أغاني الحياة لأهم الفنانين اليمنيين ? لقد تحولت هذه الأحياء حصبة صغيرة تضج بالخراب ? وكمائن الموت والمليشيات المسلحة المنفلتة التي يقودها مشائخ الفجيعة المتماهون بشيوخ حاشد ? انهم يتجشأون انتصارات سحق المنتزه ? وتحويل المسبح الى “ديمة” يتسابق الفاتحون لفتحها بـ«الجرمل».
###
هاهم أولاد تعز الذين كانوا طيورا?ٍ لا تكف عن الغناء ? هم الآن ينشدون في خط الصف الم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com