كتابات

شهادتي علي حادث جامع الرئاسة (النهدين)

..كان يوما?ٍ بائسا?ٍ من أوله. الجمعة 3/6/2011 ? كنت في طريقي للصلاة في جامع الحسين بن علي بجوار منزلي في الصافية? وتذكرت أننا كنا في مقيل مع فخامة الرئيس/علي عبدالله صالح وذلك يوم الخميس الموافق 2/6/2011 ? وقد جاءت وساطة لكي يتوقف القتال مع أولاد الأحمر? وكان قد أشترط الرئيس أن يوقع أولاد الأحمر صادق وحميد وهاشم إلتزام بإخلاء المؤسسات الحكومية وعدم مهاجمتها والإستيلاء عليها مرة أخرى? وكان أحد الوسطاء أخبرني بأنهم لم يستطيعوا لقاء حميد? ويريدونني أن أساعدهم لإقناع الرئيس بالاكتفاء بتوقيع حمير بدلا?ٍ عن حميد? وكلنا كنا نسعى لتوقيف تلك الفتنة? وعندها قلت للسائق توجه بنا إلى دار الرئاسة? وكان الوقت متأخر قليلا?ٍ عن الوقت المعتاد لذهابي للصلاة? ووصلت إلى دار الرئاسة بدون موعد مسبق? وأستقبلني الضابط الشهيد القاسمي رحمة الله عليه وذهبت أنا وهو مشيا?ٍ على الأقدام من مكتب الأمن بدار الرئاسة الى المسجد ورأيت حول المسجد مجموعة من ضباط وأفراد الحراسة يقفون بصمت وثبات? كأن على رؤوسهم الطير وكان أشبه بمشهد درامي صامت, لأنهم كانوا هكذا كل جمعة يستعدون? ويصابون بالتوتر لأن الرئيس يتحرك بعد الصلاة الى ميدان السبعين ويكون الحرس مستنفرين ومتوترين من شدة التركيز على حراسته في السبعين خصوصا?ٍ والأزمة تتفاقم? والقتال في صنعاء كان في ذروته.اضافة الى انهم صامتون للاستماع لخطبة الجمعة.

كان وقت وصولي متأخر قليلا?ٍ? كانت الخطبة الأولى في منتصفها حيث أغلق الباب المخصص لدخول الرئيس والذي أعتدنا الدخول منه لأنه في العادة يتم إغلاقه بعد دخول الرئيس وكنت حتى تلك الساعة لم أفطر لأني صحيت من النوم متأخرا?ٍ? عندها توجهت إلى صرح المسجد ودخلت من الباب الرئيسي وجلست في الصف السادس وبحسب ما أتذكر كان إلى جواري العميد/طارق محمد قائد الحرس الخاص وإبنه عفاش وآخرين من أبناءهم لم أعرفهم? وعندما أنتهت الخطبة الأولى وبدأت الخطبة الثانية أشار علي بعض الزملاء بالتقدم إلى جوارهم في الصف الأول وفعلت? وبدأت الخطبة الثانية للشيخ علي المطري الذي عادة?ٍ تطول خ?ْطبه وكنا منتظرين أن يختصر قليلا?ٍ حتى نتابع بعضا?ٍ من الخطبة والصلاة في ميدان السبعين كما يحدث أسبوعيا?ٍ? وكان الدكتور/رشاد العليمي قد همس لي بين الخطبتين بأن الرئيس لن يذهب إلى السبعين وأن الذي سوف يذهب ويلقي الخطاب الجماهيري هناك هو رئيس الحكومة الدكتور/علي مجور? وقد أطمأنيت قليلا?ٍ عندما فهمت ذلك من الدكتور العليمي.

لأننا كنا منذ أسبوعين ننصح الرئيس أنا ومجور والراعي والعليمي وبن دغر وآخرين بأن لا يذهب إلى السبعين? فقد كانت لدينا شكوك في أن منصة السبعين ربما ت?ْستهدف بصاروخ أو قذيفة من أي منطقة أو عمارة مجاورة وخصوصا?ٍ والأزمة كانت ماتزال في ذروتها.

وأستمرينا في السماع للخطبة التي لم تنتهي إلا الساعة الواحدة ظهرا?ٍ تقريبا? وكان ملفتا?ٍ للنظر أن إمام المسجد نهض من مكانه إستعدادا?ٍ لإقامة الصلاة فيما كان الخطيب مايزال على المنبر ولم ينهي خطبته بالدعاء بعد? وهذا ليس ماتعودنا عليه فالمؤذن لا ينهض للإقامة إلا بعد أن ينهي الخطيب الخطبة تماما?ٍ? لكني عندما رآيت الأمام يرفع الميكرفون استعدادا لإقامة الصلاة أعتقدت أن المسألة متعلقة بتأخير الخطبة وربما أمره الرئيس أو غيره بأن يقوم حتى يستعجل الخطيب خطبته? وفعلا?ٍ انهى الخطيب الخطبة وأ?َقيمت الصلاة ووقفنا لها وكان الرئيس أمام المحراب تماما?ٍ في مكانه الدائم للصلاة وكان إلى جواره من اليسار يحيى الراعي الذي أستبدل مكانه بمكان المرحوم الشهيد/ عبدالعزيز عبدالغني ليصبح الأستاذ عبدالعزيز على يسار الرئيس مباشرة ومن ثم بالتوالي يحيى الراعي – رشاد العليمي – أنا – عبده بورجي – أحمد عبدالرحمن الأكوع? وكان على يمين الرئيس بالتتابع د/ مجور – صادق أبورأس – نعمان دويد ولا أتذكرمواقع الآخرين بعدهم.

وأنهى المؤذن إقامة الصلاة. وكان مايزال صغير السن عمره مادون الثلاثين عام? وكبر الشيخ علي المطري تكبيرة الإحرام وقرأ سورة الفاتحة ومن بعدها سورة النصر وبعد أن كبر للركوع كان هناك من قد ركع بسرعة وأنا منهم وآخرين في طريقهم للركوع .في تلك اللحظة حصل الإنفجار الإرهابي الغادر والجبان? وكنت أنا أمام تلك الفتحة تماما?ٍ التي أحدثها الإنفجار في جدار المسجد الأمامي? فسمعت في أذني لحظتها صوت يشبه صوت الجرس (صن) أوتلك الأصوات التي تصدر عند إصطدام حديد بحديد أو معدن بحجر. من ثم صوت أخر أضخم (طن) الذي يصدر عن الإنفجارات? في تلك اللحظة غمرني شعور بالسعادة رغم أني لا أحب الموت لكن سعادتي كانت تلك اللحظة من أني سوف أموت وأنا أصلي لله? وعندها كنت مؤمنا?ٍ بأن ساعة الموت قد حانت فأسرعت للسجود لكي أموت وأنا ساجد? ولحظتها لم يكن في مخيلتي سوى صور تتزاحم للجنة ومروجها الخضراء والأبتسامة ولوالدتي وأخواني وإبني رامي وبقية أولادي الصغار? وكانت تمر تلك الصور بسرعة? ولكني كنت متأكدا?ٍ بأن الإبتسامة لم تفارق محيا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com